فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال البقاعي:

فأرادوا تفريغ ما قدموا به من الميرة: {ولما فتحوا} أي أولاد يعقوب عليه الصلاة والسلام: {متاعهم} أي أوعيتهم التي حملوها من مصر: {وجدوا بضاعتهم} أي ما كان معهم من كنعان بشراء القوت.
ولما كان المفرح مطلق الرد.
بنى للمفعول قوله: {ردت إليهم} والوجدان: ظهور الشيء للنفس بحاسة أو ما يغني عنها، فكأنه قيل: ما قالوا؟ فقيل: {قالوا} أي لأبيهم: {ياأبانا ما} أي أي شيء: {نبغي} أي نريد، فكأنه قال لهم: ما الخبر؟ فقالوا بيانًا لذلك وتأكيدًا للسؤال في استصحاب أخيهم: {هذه بضاعتنا} ثم بينوا مضمون الإشارة بقولهم: {ردت إلينا} هل فوق هذا من إكرام.
ولما كان التقدير: فنرجع بها إليه بأخينا، فيظهر له نصحنا وصدقنا، بنى عليه قوله: {ونمير أهلنا} أي نجلب إليهم الميرة برجوعنا إليه؛ والميرة: الأطعمة التي تحمل من بلد إلى بلد: {ونحفظ أخانا} فلا يصيبه شيء مما يخشى عليه، تأكيدًا للوعد بحفظه وبيانًا لعدم ضرر في سفره، ويدل على ما في التوراة- من أنه كان سجن أحدهم ليأتوا بأخيهم الأصغر- قوله: {ونزداد كيل بعير} أي فيكون جملة ما نأتي به بعد الرجوع إليه اثني عشر حملًا، لكل منا حمل، وللمسجون حملان- لكرّته الأولى والثانية، وذلك أنه كان لا يعطي إلا حملًا لكل رأس، فكأنه ما أعطاهم لما جهزهم غير تسعة أحمال، فكأنه قيل: وهل يجيبكم إلى ذلك في هذه الأزمة؟ فقالوا: نعم، لأن: {ذلك كيل يسير} بالنسبة إلى ما رأينا من كرم شمائله وضخامه ملكه وفخامة همته، فكأنه قيل: فما قال لهم؟ فقيل: {قال} أي يعقوب عليه الصلاة والسلام: {لن أرسله} أي بنيامين كائنًا: {معكم} أي في وقت من الأوقات: {حتى تؤتون} من الإيتاء وهو الإعطاء، أي إيصال الشيء إلى الأخذ: {موثقًا} وهو العقد المؤكد.
ولما كان مراده موثقًا ربانيًا، وكان الموثق الرباني- وهو ما كان بأسمائه تعالى لكونه أذن سبحانه فيه وأمر بالوثوق به- كأنه منه، قال: {من الله} أي الملك الأعظم بأيمان عظيمة: والله: {لتأتنَّني} كلكم: {به} من الإيتان، وهو المجيء في كل حال: {إلا} في حال: {أي يحاط} أي تحصل الإحاطة بمصيبة من المصائب، لا طاقة لكم بها: {بكم} فتهلكوا من عند آخركم، كل ذلك زيادة في التوثيق، لما حصل له من المصيبة بيوسف عليه الصلاة والسلام وإن كان الاعتماد في حفظه إنما هو على الله، وهذا من باب اعقلها وتوكل فأجابوه إلى جميع ما سأل: {فلما آتوه} أي أعطاه بنوه: {موثقهم قال الله} أي الذي له جميع صفات الكمال: {على ما نقول وكيل} هو القادر على الوفاء به المرجو للتصرف فيه بالغبطة، لا أنتم. اهـ.

.قال الفخر:

{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ}
اعلم أن المتاع ما يصلح لأن يستمتع به وهو عام في كل شيء، ويجوز أن يراد به هاهنا الطعام الذي حملوه، ويجوز أن يراد به أوعية الطعام.
ثم قال: {وَجَدُواْ بضاعتهم رُدَّتْ إِلَيْهِمْ} واختلف القراء في: {رُدَّتْ} فالأكثرون بضم الراء، وقرأ علقمة بكسر الراء.
قال صاحب الكشاف: كسرة الدال المدغمة نقلت إلى الراء كما في قيل وبيع.
وحكى قطرب أنهم قالوا في قولنا: ضرب زيد على نقل كسرة الراء فيمن سكنها إلى الضاد.
وأما قوله: {مَا نَبْغِى} ففي كلمة: {مَا} قولان:
القول الأول: أنها للنفي، وعلى هذا التقدير ففيه وجوه: الأول: أنهم كانوا قد وصفوا يوسف بالكرم واللطف وقالوا: إنا قدمنا على رجل في غاية الكرم أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلًا من آل يعقوب لمافعل ذلك، فقولهم: {مَا نَبْغِى} أي بهذا الوصف الذي ذكرناه كذبًا ولا ذكر شيء لم يكن.
الثاني: أنه بلغ في الإكرام إلى غاية ما وراءها شيء آخر، فإنه بعد أن بالغ في إكرامنا أمر ببضاعتنا فردت إلينا.
الثالث: المعنى أنه رد بضاعتنا إلينا، فنحن لا نبغي منك عند رجوعنا إليه بضاعة أخرى، فإن هذه التي معنا كافية لنا.
والقول الثاني: أن كلمة ما هاهنا للاستفهام، والمعنى: لما رأوا أنه رد إليهم بضاعتهم قالوا: ما نبغي بعد هذا، أي أعطانا الطعام، ثم رد علينا ثمن الطعام على أحسن الوجوه، فأي شيء نبغي وراء ذلك؟
واعلم أنا إذا حملنا ما على الاستفهام صار التقدير أي شيء نبغي فوق هذا الإكرام إن الرجل رد دراهمنا إلينا فإذا ذهبنا إليه نمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير بسبب حضور أخينا.
قال الأصمعي: يقال ماره يميره ميرًا إذا أتاه بميرة أي بطعام ومنه يقال: ما عنده خير ولا مير وقوله: {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} معناه: أن يوسف عليه السلام كان يكيل لكل رجل حمل بعير فإذا حضر أخوه فلابد وأن يزداد ذلك الحمل، وأما إذا حملنا كلمة ما على النفي كان المعنى لا نبغي شيئًا آخر هذه بضاعتنا ردت إلينا فهي كافية لثمن الطعام في الذهاب الثاني، ثم نفعل كذا وكذا.
وأما قوله: {ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ} ففيه وجوه: الأول: قال مقاتل: ذلك كيل يسير على هذا الرجل المحسن لسخائه وحرصه على البذل وهو اختيار الزجاج.
والثاني: ذلك كيل يسير، أي قصير المدة ليس سبيل مثله أن تطول مدته بسبب الحبس والتأخير.
والثالث: أن يكون المراد ذلك الذي يدفع إلينا دون أخينا شيء يسير قليل فابعث أخانا معنا حتى نتبدل تلك القلة بالكثرة.
{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}
اعلم أن الموثق مصدر بمعنى الثقة ومعناه: العهد الذي يوثق به فهو مصدر بمعنى المفعول يقول: لن أرسله معكم حتى تعطوني عهدًا موثوقًا به وقوله: {مِنَ الله} أي عهدًا موثوقًا به بسبب تأكده بإشهاد الله وبسبب القسم بالله عليه، وقوله: {لَتَأْتُنَّنِى بِهِ} دخلت اللام هاهنا لأجل أنا بينا أن المراد بالموثق من الله اليمين فتقديره: حتى تحلفوا بالله لتأتنني به.
وقوله: {إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} فيه بحثان:
البحث الأول:
قال صاحب الكشاف: هذا الاستثناء متصل.
فقوله: {إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} مفعوله له، والكلام المثبت الذي هو قوله: {لَتَأْتُنَّنِى بِهِ} في تأويل المنفي، فكان المعنى: لا تمتنعون من الإتيان به لعلة من العلل إلا لعلة واحدة.
البحث الثاني:
قال الواحدي للمفسرين فيه قولان:
القول الأول: أن قوله: {إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} معناه الهلاك قال مجاهد: إلا أن تموتوا كلكم فيكون ذلك عذرًا عندي، والعرب تقول أحيط بفلان إذا قرب هلاكه قال تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42] أي أصابه ما أهلكه.
وقال تعالى: {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: 22] وأصله أن من أحاط به العدو وانسدت عليه مسالك النجاة دنا هلاكه، فقيل: لكل من هلك قد أحيط به.
والقول الثاني: ما ذكره قتادة: {إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} إلا أن تصيروا مغلوبين مقهورين، فلا تقدرون على الرجوع.
ثم قال تعالى: {فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ الله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} يريد شهيد، لأن الشهيد وكيل بمعنى أنه موكول إليه هذا العهد فإن وفيتم به جازاكم بأحسن الجزاء، وإن غدرتم فيه كافأكم بأعظم العقوبات. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدَّتْ إليهم} أي وجدوا التي كانت بضاعتهم وهو ما دفعوه في ثمن الطعام الذي امتاروه.
{قالوا يا أبانا ما نبغي} فيه وجهان:
أحدهما: أنه على وجه الاستفهام بمعنى ما نبغي بعد هذا الذي قد عاملنا به، قاله قتادة.
الثاني: معناه ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك، حكاه ابن عيسى.
{هذه بضاعتنا ردت إلينا} احتمل أن يكون قولهم ذلك له تعريفًا واحتمل أن يكون ترغيبًا، وهو أظهر الاحتمالين.
{ونمير أهلنا} أي نأتيهم بالميرة، وهي الطعام المقتات، ومنه قول الشاعر:
بعثتك مائرًا فمكثت حولًا ** متى يأتي غياثك من تغيث

{ونمير أهلنا} هذا ترغيب محض ليعقوب.
{ونحفظ أخانا} وهذا استنزال.
{ونزداد كيل بعير} وهو ترغيب وفيه وجهان:
أحدهما: كيل البعير نحمل عليه أخانا.
والثاني: كيل بعير هو نصيب أخينا لأن يوسف قسّط الطعام بين الناس فلا يعطى الواحد أكثر من حمل بعير.
{ذلك كَيْلٌ يسير} فيه وجهان:
أحدهما: أن الذي جئناك به كيل يسير لا ينفعنا.
والثاني: أن ما نريده يسير على من يكيل لنا، قاله الحسن. فيكون على الوجه الأول استعطافًا، وعلى الثاني تسهيلًا.
وفي هذا القول منهم وفاءٌ، ليوسف فيما بذلوه من مراودة في اجتذاب أخيهم لأنهم قد راودوه من سائر جهات المراودة ترغيبًا واستنزالًا واستعطافًا وتسهيلًا.
قوله تعالى: {قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقًا من الله} في هذا الموثق ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه إشهادهم الله على أنفسهم.
الثاني: أنه حلفهم بالله، قاله السدي.
الثالث: أنه كفيل يتكفل بهم {لتأتنني به إلاَّ أن يحاط بكم} فيه وجهان:
أحدهما: يعني إلا أن يهلك جميعكم، قاله مجاهد.
الثاني: إلا أن تُغلَبوا على أمركم، قاله قتادة. اهـ.

.قال ابن عطية:

{وَلَمَّا فَتَحُواْ متاعهم}
قوله: {فتحوا متاعهم} سمى المشدود المربوط بحملته متاعًا، فلذلك حسن الفتح فيه، قرأ جمهور الناس: {رُدت} بضم الراء، على اللغة الفاشية عن العرب، وتليها لغة من يشم، وتليها لغة من يكسر. وقرأ علقمة ويحيى بن وثاب {رِدت} بكسر الراء على لغة من يكسر- وهي في بني ضبة-، قال أبو الفتح: وأما المعتل- نحو قيل وبيع- فالفاشي فيه الكسر، ثم الإشمام، ثم الضم، فيقولون: قول وبوع، وأنشد ثعلب: الرجز:
....... ** وقول لا أهل له ولا مال

قال الزجاج: من قرأ: {رِدت} بكسر الراء- جعلها منقولة من الدال- كما فعل في قيل وبيع- لتدل على أن أصل الدال الكسرة.
وقوله: {ما نبغي} يحتمل أن تكون: {ما} استفهامًا، قاله قتادة. و: {نبغي} من البغية، أي ما نطلب بعد هذه التكرمة؟ هذا مالنا رد إلينا مع ميرتنا. قال الزجّاج: ويحتمل أن تكون: {ما} نافية، أي ما بقي لنا ما نطلب، ويحتمل أيضًا أن تكون نافية، و: {نبغي} من البغي، أي ما تعدينا فكذبنا على هذا الملك ولا في وصف إجماله وإكرامه هذه البضاعة مردودة.
وقرأ أبو حيوة {ما تبغي}- بالتاء، على مخاطبة يعقوب، وهي بمعنى: ما تريد وما تطلب؟ قال المهدوي: وروتها عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأت فرقة: {ونَمير} بفتح النون- من مار يمير: إذا جلب الخير، ومن ذلك قول الشاعر: الوافر:
بعثتك مائرًا فمكثت حولًا ** متى يأتي غياثك من تغيث

وقرأت عائشة رضي الله عنها: {ونُمير} بضم النون- وهي من قراءة أبي عبد الرحمن السلمي- وعلى هذا يقال: مار وأمار بمعنى....؟
وقولهم: {ونزداد كيل بعير} يريدون بعير أخيهم إذ كان يوسف إنما حمل لهم عشرة أبعرة ولم يحمل الحادي عشر لغيب صاحبه: وقال مجاهد: {كيل بعير} أراد كيل حمار. قال: وبعض العرب يقول للحمار بعير.
قال القاضي أبو محمد: وهذا شاذ.
وقولهم: {ذلك كيل يسير} تقرير بغير ألف، أي أذلك كيل يسير في مثل هذا العام فيهمل أمره؟ وقيل: معناه: {يسير} على يوسف أن يعطيه. وقال الحسن البصري: وقد كان يوسف وعدهم أن يزيدهم حمل بعير بغير ثمن؛ وقال السدي: معنى: {ذلك كيل يسير} أي سريع لا نحبس فيه ولا نمطل.
قال القاضي أبو محمد: فكأنهم أنسوه على هذا بقرب الأوبة.
{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}
أراد يعقوب عليه السلام أن يتوثق منهم. والموثق- مفعل- من الوثاقة. فلما عاهدوه أشهد الله بينه وبينهم بقوله: {الله على ما نقول وكيل} والوكيل القيم الحافظ الضامن.
وقرأ ابن كثير {تؤتوني} بياء في الوصل والوقف، وروي عن نافع أنه وصل بياء ووقف دونها. والباقون تركوا الياء في الوجهين. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ}
الآية ليس فيها معنى يشكل.
{مَا نَبْغِي} {ما} استفهام في موضع نصب؛ والمعنى: أي شيء نطلب وراء هذا؟ا وفَّى لنا الكيل، وردّ علينا الثمن؛ أرادوا بذلك أن يُطيّبوا نفس أبيهم.
وقيل: هي نافية؛ أي لا نبغي منك دراهم ولا بضاعة، بل تكفينا بضاعتنا هذه التي ردّت إلينا.
ورُوي عن عَلْقَمة {رِدّتْ إِلَيْنَا} بكسر الراء؛ لأن الأصل ردِدت؛ فلما أدغم قلبت حركة الدال على الراء.
وقوله: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أي نجلب لهم الطعام؛ قال الشاعر:
بَعَثْتُكَ مائِرًا فمكَثْتَ حَوْلًا ** مَتَى يأتِي غِيَاثُكَ مَن تُغِيثُ

وقرأ السُّلَميّ بضم النون، أي نعينهم على المِيرة.
{وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ} أي حِمْل بعير لبنيامين.
{قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ}
فيه مسألتان:
الأولى: قوله تعالى: {تُؤْتُونِ} أي تعطوني.
{مَوْثِقًا مِّنَ الله} أي عهدًا يوثق به قال السدّي: حلفوا بالله ليردّنه إليه ولا يُسلمونه؛ واللام في: {لَتَأْتُنَّنِي} لام القسم.
{إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} قال مجاهد: إلا أن تَهْلِكوا أو تموتوا.
وقال قتادة: إلا أن تُغلبوا عليه.
قال الزجاج: وهو في موضع نصب.
{فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ الله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} أي حافظ للحلف.
وقيل: حفيظ للعهد قائم بالتدبير والعدل.
الثانية: هذه الآية أصل في جواز الحَمَالة بالعين والوثيقة بالنفس؛ وقد اختلف العلماء في ذلك؛ فقال مالك وجميع أصحابه وأكثر العلماء: هي جائزة إذا كان المتحمَّل به مالًا.
وقد ضعّف الشافعي الحَمَالة بالوجه في المال؛ وله قول كقول مالك.
وقال عثمان البَتِّي: إذا تكفّل بنفس في قصاص أو جراح فإنه إن لم يجئ به لزمه الدية وأَرْش الجراح، وكانت له في مال الجاني، إذ لا قصاص على الكفيل؛ فهذه ثلاثة أقوال في الحمالة بالوجه.
والصواب تفرقة مالك في ذلك، وأنها تكون في المال، ولا تكون في حدّ أو تعزير، على ما يأتي بيانه. اهـ.